أنا الآن في المطار القاهرة,
أستغرب من الذين يذهبون إلي الغرب ويريدون أن يتبرّأوا من انتمائهم العربي أو الإسلامي هناك. يحاولون جاهدين أن يوهموا من حولهم أنهم قطعوا علاقتهم مع أصولهم العربية و يظنون أنهم قد اكتسبوا بذلك هوية جديدة و انتماءا جديدا.. ولا أحد يصدقهم مهما صدّقوا أنفسهم.. كل الناس من حولهم لا ينسون هذا الإنتماء إلا هم..
كنا ثلاثة في هذه الرحلة.. أحدنا يحمل جوازا أمريكيا.. و آخر يحمل جوازا إنجليزيا.. و أنا أحمل الأخضر الكبير.. جواز السفر المصريّ..
هم فقط قرروا أن يسافروا فما كان منهم إلا أن حجزوا الطائرة و سافروا...
أما أنا فكان لابد أن آتي بأطنان من المستندات التي تثبت أني لست متسولا و لا جوعانا ولا قاطع طريق.. و أني أسافر وأنوي العودة.. وأن عندي في مصر ما أبكي عليه إذا تركته إلي أوروبا و سافرت.. ثم كان لابد أن أنتظر اسبوعين حتي ينظروا في أمري ويقرروا لي قرارا إما بالسماح أو بالمنع
إن العالم مهما ادّعي معاملة الإنسان علي قاعدة الإنسانية المشتركة.. يبقي انتماءه الذي لا ينفك عنه حاكما علي نظر من حوله إليه.. وعلي قدر احترام العالم لهذا الإنتماء يكون احترامهم له.. وكأنك حينما تولد في بلد ما توصم علي جبينك بقيمة تمثل قدر ذلك البلد الذي جئت منه.. وكأنك بضاعة تُقيّم حسب بلد المنشأ.. فإن كانت يابانية أو أمريكية وإلا فثمنٌ بخس دراهم معدودة..
ولا فِكاك من هذه القيمة مها لوّنت شعرك و مهما طرّزت ثيابك..
وفي هذا قال المستشار البشري – كما حدثني صديقي و تلميذه إبراهيم – أن الإنتماء أول سماته أنه غير اختياري و أنه لا ينفك عن الإنسان.. وإلا لا يكون إنتماءا
وكأن حالنا إذ نحاول أن نتلوّن بهذا اللون الغربي بحثا –ربما- عن قيمة أعلي في سوق النخاسة العالمي هذا يتمثّل قول الشاعر المصري المبدع أحمد بخيت:
وطنٌ بباب القنصلية
راح يبحث عن وطن
لا أعلم لماذا انتابني عند باب السفارة شعور و كأني أتسول السماح بالدخول من ألفونسو .. وقد خرجت لتوي منهزما من معركة العقاب..
شعور رهيب والاسلوب رائع
ReplyDelete