أنا الآن في شارع ضيق تكاد تخنقني العبرات.. خرجت لتوّي من متحف التعذيب
نعم.. متحف التعذيب
Galleria de la tortoura
متحف يعرض فيه لمحات من جنون الإنسانية حين تقتل نفسها.. أجهزة لشق الصدور.. وقطع الأعضاء.. وإسالة الدماء.. وتكسير العظام.. والصلب .. والشلل..
أمر لا يصدقه حقا إلا من رآه..
كيف يهنأ إنسان فعل هذا بإنسان آخر؟ كيف يخلد إلي نوم؟ كيف يصمت ضمير شاهد مثل هذا التعذيب..
ويلٌ للرجال الذين معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس..
هذا المتحف أثار في نفسي دموع علي هذه الإنسانية التي جنّت حتي راحت تبحث عن سعادتها بالإنتحار..
ثم أثارت في نفسي معني آخر..
إن هذه الآلات البشعة إنما صنعت لتعذيب أجدادنا من الموريسكيين من مسلمي الأندلس.. والذين آثروا البقاء فيها بعد سقوط غرناطة.. آخر معاقل المسلمين في هذا البلد..
سُلّمت مفاتيح غرناطة عام 1492 .. وتم طرد الموريسكيين نهائيا من الأندلس عام 1602
وطوال ما يزيد عن مائة عام وقع المسلمون الموريسكسيون تحت طائلة أنواع من العذاب الدامي للرجال و النساء و الأطفال و الشيوخ.. وقتلوا قتلا بطيئا عمره مائة عام.. فما ضعف أكثرهم و لا استكان.. و ظلوا يثورون ويصبرون ..
هل أصبر أنا إن كنت نكانهم.. دع عنك أحلام الجهاد الوردي.. وتمني الشهادة في جلسات المساجد المكيفة.. وتعال وأخبرني.. هل يمكن أن تصبر علي مثل هذا التعذيب أو بعضه..
وكان أن أجبت نفسي: إني لم أصبر علي مشاهدة آلات التعذيب في متحف بإسبانيا.. فكيف أظن أني يمكن أن أصبر علي مبدأ آمنت به عندما يفعل مثل ذلك بي وبأهل بيتي..
نحن أهل الضعف والوهن..
اللهم الطف بنا يا لطيف.. ولا تحمّلنا ما لا طاقة لنا به..
انا كنت عوزة استاذنك في نقل مدوناتك عن الاندلس هي مدونات لا استطيع وصف جمالها وتعبيرها
ReplyDelete